الكرمة..قلبى المؤمن

قد لا يستطيع صوت الحياة الذى فى ان يصل لاذن الحياة التى فيك ولكن لنتكلم على اى حال لئلا نشعر بوحشة الانفراد

Friday, July 18, 2008

محاولة أخيرة فى حكاية عادية




كم تمنح الأيام المشمسة إحساساَ بالتفاؤل ..هي فى أشد الإحتياج إليه ..ولكن عيوناَ لم تعرف النوم لا تحتمل كل هذا الضؤ

توقفت لشراء سجائر وثقاب ثم أشارت لتاكسى..من مقعدها الخلفى أعطت للسائق العنوان مع بعض الإرشادات الدقيقة ثم أسندت ظهرها إلى الخلف وأشعلت سيجارة,دخنت بعمق وبطء وكأنها تمارس طقساً روحانياً تحتاجه بشدة للخروج من دائرة التوتر التى مازالت تحيط بهاو تربك حساباتها الأخيرة,تمتص الدخان بقوة لتحبسه فى رئتاها ثم لا تلبث أن تخرجه من أنفها.شيئاً ما كان يجعلها تعتقد بأن التدخين من خلال الأنف يجعل الدخان يصل بطريقة ما إلى المخ,راحة غريبة كانت تسكنها حين تؤمن أن أفكارها تسبح فى سحابة من الدخان فتنفثه بثقة وأطمئنان

توقفت العربة امام العنوان المحدد,فترجلت منها ووقفت إلى جوار السائق تمد يدها بالنقود,قبل أن يهم بالأنطلاق شعرت بطيف تلك النظرة فى عينه,النظرة التى تحط على وجوه الرجال ببذاءة وإنحطاط ,كانت تغضبها ولكنها لم تغضب ,تقبلتها وكأنها شيئاً عادياً,وسارت إلى مدخل البناية المتفق عليها,تسلقت السلم بسرعة وعندما وصلت إلى الطابق المقصود وقفت تلتقط أنفاسها وهى تقرأ الأسم المكتوب إلى جوار الباب,الأستاذ عادل راغب المحامى,لم تكن هناك أى تعريفات أخرى وكأن الرجل زهد فى الدعاية إلى نفسه,كانت بداخلها تخشى النظرات التى ستواجهها فى الداخل,أقلقتها الأفكار التى قد تدور فى الأذهان.هى لا تريد أى جرح الآن

لم يكن فى الصالة أحد,فقط مكتب قديم وبضعة مقاعد بالية تلفهم رائحة رطوبة وورق قديم,من داخل المكتب كانت تصدر أصوات همهمة.إقتربت وكان الحظ إلى جوارها حين طالعها وجهه وهو جالس فى المقعد المواجه للباب,أزالت ملامحه ونظرته .رغم القلق الذى يسكنها.كل الرهبة التى ظلت تسكنهافتقدمت بثقة,كان معه مراد وشخص لا تعرفه,صافحتهم جميعاً ولم تصافحه ,أكتفت بإبتسامة رقيقة مشجعة كانت كفيلة بتغيير الأماكن,فتقدم الى المقعد المواجه للمكتب وجلست هى أمامه

تكلم المحامى كثيراً ولم تسمع,تظنه شخص سخيف يدعى لنفسه أهمية ويظن أنه سيمنحهم ما لا يملكونه,وهو نفسه يبدو غير مبال وكأنه يروج لسلعة يعلم تمام اليقين إحتياجهم إليها

هذا الثرثار .هل يظن حقاً أنه يزوجنا.انا زوجة هذا الرجل من قبل ان يولد هو

كل هذه الاشياء لا تعنينى,كلماته هباء منثور وعباراته كتبت بماء

أجابت بإقتضاب على كل إسئلته ولم تبد أى إستفسار ,وأخيراً تنفست الصعداء وهى توقع على الورقتان,خرج الأربعة من المكتب وعلى الباب أنفصل عنهما مراد والآخر الذى لا تعرفه بعدما هنأهما على إستحياء

وقفا فى مكانهما للحظات ,مرت عليها طويلة وحادة وكأنها نصل سكين حاد يخترق قلبها المنهك,لم تحتملها فضغطت على يده وجذبته للنزول معها,كانت تعى جيداً أن الصمت بينهم قد طال ,لابد لحوار ما أن يبدأ ومقصلة الكلمات تشحذ نفسها على اللسان خوفاً من كلمة قد تجرحه,تطلعت إليه وسألته _الى اين سنذهب؟,رمقها بطرف عينه وقال_..هل أنت خائفة ؟,فأجابت بسرعة..وكيف أخاف وأنا مع زوجى

وخزته الكلمة,إمتزجت على ملامحه المرارة بالخجل فأشاح بوجهه وهو يخبرها بأن مراد قد أعطاه مفتاح شقته

هل الكلمة هى التى ضايقته,زوجى,لن أعرف ابداً كيف أتحكم فى ردودى,عندما عرفته كان معجباً بردودى السريعة الحاضرة,كان ينظر فى عينى مباشرة ويقول ..أنت ذكية,عندما بدأ الإنهيار كانت هذه الردود هى أكثر ما يضايقه,لا بأس بالصمت ,المهم أن تسير مؤامرتى الصغيرة على دربها الشائك

تلحفت بذكرياتها الحلوة معه عساها تبعث بقلبها بعض الدفءوالقدرة على تحمل اللحظات الصعبة الآتية,كان لهذا اليوم فى تاريخهم الكثير من التصورات,عندما كان الكون يسايرهم ويأت على هواهم.فقررا أن يجربا الغرام فى كل مكان على أرض الوطن,بالقرب من الشواطئ يختلط انينهم بهدير البحر,أو يتعبدا فى صمت واحة منسية بالصحراء,ومرة أخرى فى بيت غرفه لها أقبية فى مكان ما مجهول بالجنوب,يتشبعا ببعضهما وبكل أوجه الأمكنة فى تجربة تخصهم وحدهم

...

منذ عام تسرب اليأس والإحباط و الفشل إلى عالمهم,فى خبث الخلايا السرطانية توغل فى الأحلام ليشتتها ويقتلها,رغم كل محاولاتها المستميتة لإصلاح الأمور,كان هو مصراً على رفع راية الإستسلام وعلى لفظها من حياته بقسوة وعنف دفعاها لقرار الهجرة الذى لا تعرف كيف أتت به

كل شئ يختزل أمام عينها,عمرهم أختزل إلى ساعات منحتهم إياها ورقة محامى,حتى الوطن ,إختزل إلى غرفة لها أربعة جدران ونافذة محرم عليهم فتحها

شهور طويلة قضتها فى ترتيب أوراقها واللف على الدواوين وإستجداء الموظفين,باعت معظم حليها وكل هذا من أجل سفرة لم تحلم بها ولا تريدها,كل هذا من أجل أن تقنعه بفكرتها المجنونة وكأنها أمنية أخيرة لبرئ ينتظر الموت

لا بأس بالصمت,بعد قليل ستقول كل شئ بطريقة أخرى,لن يستطيع هذه المرة أن يسكتها,بالرغم من أنها لم تعد تثق فى بكارته ولا فى نوعية النساء اللاتى قد يكون عرفهن فى العام الفائت وهو يمارس ضياعه المحبب,ولكنها إمرأة أخرى,إمرأة تأمل فيه وتؤمن به

...

إقتربا من البناية التى توجد بها شقة مراد فطلب منها أن تذهب وتسأل الحارس عن عيادة طبيب الأسنان ليلحق بها,لم يكن الوقت مناسب لإستشعار المهانة او قياس الكلمات على مقياس الكرامة,عليها أن تكون عملية وترضخ له إلى أن يرضخ لها

إلى جوارها مر كشبح يلقى السلام وهى تقف مع الحارس يكللها عار الإدعاء,فى تلك اللحظة شعرت بدبيب يعترض ويتذمر ,فلم يكن هذا هو حلمها فى يوم من الأيام,ولكن الإعتراض كان ذابلاً جداً,وهل تمتنع وهى المدفوعة بقوة املها العظيم وعزمها المسكون بكل ما فى الوجود من قوة..فتتلاشى أمامه الكلمات,تذوب وتموت ,تسقط فى جوفها معدمة ومعتمة بلا صدى يمتزج بصوت خطواتها التى تتبع آثاره على السلم

كان هناك,واقفاً,يتباطأ فى فتح الباب عن عمد حتى رآها فأسرعت إليه وأنفتح الباب ليخترقه الجسدان فى خطوة واحدة

...

لأول مرة يلتقيا بعيداً عن الأعين,وفى الشقة الخالية هدوء ودفء غريب ,إستكانت إليه فى لحظات وبدأ التوتر ينسحب فى صمت ويحل محله جنس مُرجأ ينقر بإصابعه على قلبيهما فى إلحاح,دعاها للدخول بأدب وهو يشير بيده,فأستجابت ومضت تتحسس خطواتها فى المكان,كانت دهشتها من نفسها عظيمة وهى تراقب قدرتها على إزاحة عبء الإستغراب والوحشة عن كاهلها لتتماهى مع مفردات المكان فى لحظات,إستطاعت أن ترى فيه وطنها الصغير,هكذا ببساطة,كان سهلاً عليها أن تتشبث بأى حيز ما دام هو جزء منه وهى التى توشك على الوقوع فى هاوية الرحيل الأبدى

وقفت فى منتصف الغرفة لتراقب فعله,وجلس هو على احد المقاعد بلا أريحية,وضع رأسه بين راحتيه ينتظر منها كلمة,مازال الجبن سيد الموقف,تقدمت إليه وجثت على ركبتيها إلى جواره,تسللت أصابعها بين خصلات شعره وأعطته الكلمة

مالك؟

ظلمتك,أليس كذلك؟

يريد الإعتذار؟الآن؟!منحته إبتسامة فى ظاهرها البراءة وبطنها السخرية,طيلة عام ظلت تبحث عن إعتذار يخفف عنها الألم ويعيد إليها بعض توازنها,حاولت معه فلم تجد إلا الصمت والإبتعاد والآن يريد الإعتذار,عبارات الأسف لا تضمد الجراح وجرح القلب شديد الحساسية تنكأه الزفرات والنظرات فما بال الحديث الذى لا طائل منه

أبعدت عنه عينها خوفاً من أن يقرأ فيهما تلك الأفكار,لن تسمح لغضبها المكبوت بأن يفسد عليها مؤامرتها الصغيرة,إمتدت يدها إلى الحقيبة وتناولت منها جواز السفر ووضعته بين يديه

أنظر,هذا آخر يوم فى حياتى..هنا,سأرحل وربما لا أعود,وانت لا تظلمنى بل تحقق لى حلماً,رجاءاً أخير,أنا أمنحك نفسى ..لا أفرط ,وانت لا تغتصب..وجودنا معاً هو الصواب الوحيد فى حياتى وحياتك فلا تحاول الهرب منه

لم تجد منه رداً ولم تنتظر,كم يؤذيها ألا تصدق معه ,ألا تعرض عليه أوراقها كلها ,تشعر بالذنب لأنها لم تصرح بكل شئ,كان عليها أن تقول له ..أنا هنا لأغويك يا قلبى ..أغويك فحسب

...

عندما نكون على وشك التحقق نشعر بقرب الإنهيار,يلوح الفشل بقوة بعدما أصبحا قاب قوسين أو أدنى,مازال جالساً..ربما يفكر وربما لا,وهى لا تعرف متى سيأخذ المبادرة,فالمستحيل بعينه أن تأخذها منه,المبادرة خلقت له..مثلها تماماً,تراودها شكوكاً فى موقفه

هل يظن أنى سأقد قميصه,هل يرانى كواحدة من عاهراته المتمرسات؟ هل يظن..؟وأمتدت يده إليها ,فى لحظة أو أقل خمد الغضب ,لطالما كان غضبها عاجز ومسكين لا تقوم له قائمة أو يقف بثبات,لا صوت إلا صوت يده,تقودها إلى حيث تعلم وتريد

أمامها,وقف مرتبك العينين,بداخله خوف يتسرب إليها فيشعرها بالبرد ومحاولة التنصل الأخيرة بانت بوضوح فى عينيه,حين هم بقول ..أنا...كانت أصابعها على شفتيه وكأنها تكلمت وصرحت,أزاحت عن عنقها الوشاح الشفاف واراحته فوق المصباح المجاور للفراش,فغرق الكون فى شلال من اللون الوردى وأبتسم ,,للنساء أشياءهن الخاصة ,وهى كانت تقول دوماً أنها لا تعرف أشياءهن,ولكنها كانت تعرف من دون أن تعرف أنها تعرف,فهى بالنهاية إمرأة

كمن يقرأ من كتاب ,كمن تعلم الحب بدون معلم,كانت حركتها فى حيز إختارته بعناية..يديه..تقول أشياء كثيرة بجسدها الذى يتحرك بلا ضجيج فيجبره على العناق

كيف يهرب من عناقها ؟كيف يهرب بعدما صارت بين يديه,إمرأته,تعانقه,وقميص بلون النبيذ يراق بين يديه,لا تدرى كيف حملها الى هذا الفراش

رقيقاً,عذباً,لمسته كقبلة ..لأنه يحبنى ,يحبنى أنا

يقولون أن لغة العيون لا تعرف الكذب,لابد وأن لغة الجسد أصدق,كان هذا رهانها الأخير,حين يستمع إلى أطرافها الساخنة تناشده..ليس لى سواك

شفاهها المتلهفة المرتعشة التى أستسلت له ,تخبره بسرها بنبضها الخافت

هل تعرف يا حبيبى الأحمق لماذا أحمل أوراق سفرى معى,لأننى أريدك أن تمزقها بيديك

لم تصمت أبداً,حتى توقف شارداً منها,وكأن الحزن أفاق فجأة,فأعتدل جالساً منطفئاً,أمتدت يدها بلا تفكير إلى زر المصباح,تطفئه وتنيره,تطفئه وتنيره,تبحث عن مفتاح التوتر فيه,فأن يلتحم هذا الهائم فى ظلمات عالمه بقمرتها باحثاً عن هواء فى فضاء لا يعرف سوى الضياع عنواناً له , أمر يحتمل التوتر ,يحتاج التوتر,تبحث عن إنتفاضة تعيد الأمور إلى نصابها وتعيده إلى دفئها المشحون بلذة لم تُنتهك

لم تستجب لندائه ولم ترضخ بعدما تحول النداء إلى أمر بالتوقف,يغضب,يكبح جماح الثورة بين فكيه وينظر بعناد الأطفال,يظن أنها تلهو وتلعب ,فينسى أنها فى هذه اللحظة تحديداً,إمرأة تعرف ماذا تريد,وهى ما كانت تريد أكثر من يده التى أوقفت يدها بحسم

...

حسمه,عنفه,إقتحامه المباغت,سر ما بين الرجل والمرأة مازال وحياً يهبط من السماء,ينصب الفعل ويحرر المفعول به ,غير عابئ برد الفعل والذى لم يكن بدوره أكثر من شهقة قصيرة ومبتورة ذابت لا أثر فى وهج العناق

فرحها الخالص,هذا الذى إقتنصته من بين أنياب الرفض ,يذوب فى دمها,يوقظ كل الأشياء التى صمتت من قبل وأستكانت,رجلها الذى بلمسة يقتلها ليحييها بأخرى,إنطبع أثره فوق جسدها وروحها فتشبعت وتشبثت به أكثر وأكثر,لم تفق إلا بعد إحتراق الهواء الذى أحاط بهم

فى كل لحظة مرت عليهم ظل يراودها أمل خائب بأن الذى جُن بها سيظل ملسوعاً بالعشق إلى ما لا نهاية,وكأن الأمر بيده أو يدها ,الفتنة لا تدوم فلكل شئ ذروة ونهاية,تتعدد النهايات ولكنها تأتى دائماً باهرة ومؤلمة كإحمرار الغسق,العلامة تأت وراء العلامة,والضوء الأحمر يسطع بوجهها,الضوء الأحمر لا يعبأ بالدماء التى أُريقت بل يستمد عنفوانه من الحقيقة التى لا مفر منها,من نظرة غضب ألتمعت فى عينه فجأة وكأنه يخبرها بأن ما حدث منذ لحظات ..أمام الله..بدا له كخطيئة

إلهك راض ولكن نصف إلهك غاضب

وعت الحقيقة ,فهمتها وبسرعة فبدأت تلملم كل الأمنيات التى تناثرت عارضة عليه محبتها وإخلاصها وغفرانها,لن تلح عليه بعدما حاولت بشرف وإباء وبذل,لا يمكن أن ترجوه أبداَ,لم يبق إلا الفراق

...

بالنور واللازورد

بالبسمة والندى

بالعشب الأخضر

عالمنا الفضى يرحل

الزمن يمر على جنبى الأيسر

لا يتقدم أو يتأخر

لن أشعر نحوك بالذنب

فأنا يا حبيبتى

ما عدت املك قلب

...

الآن,والآن فقط تتساوى كل الأشياء بعينها,لا قيمة إلا للحظات الباقية وعليها أن ترسم نهايتها بيدها,بعدما صار إحتوائه لها فوق طموحها المشروع,لم يكن أمامها إلا أن تقربه منها,تجذب هذا الرأس المنهك ليتوسد قلبها المكسور,وتمنح الأنفاس اللا هثة وطناً تركن إليه فى عناق أخير,أخير

Saturday, July 05, 2008

بجد

إكتشفت أنى لا أشعر بالغصة إلا حين أراك
أنا لا ينقصنى سوى ثقتك
لا ينقصنى سواك