فى البدء كيف نجوت بنفسى؟
كنا اربعة شقيقات ..فى بلد تتعدى نسبة المختنات به التسعون فى المئة..ومن المنطقى الا تنجو واحدة منهن..واستطاعت امى ان تنال من الاولى والثانية فى سن صغيرة..ونستنى قليلا انا وشقيقتى التى تكبرنى حتى وصلت الى الثالثة عشر من عمرها وانا الى التاسعة..وحان وقت الاقناع ..فقد اصبحت لنا عقول تعى وما كانت امى لتجبرنا وهو فضل منها لا انكره
وبدأت باختى ..احيانا بالترهيب الذى لا قسوة فيه وانما تخويف من المجهول..لازم تتطهرى ..البنت لو متطهرتش مش كويس عشانها..ودون ان تفهم اختى مغزى الكلام ..اجتاحها الخوف..ولا انسى الترغيب ايضا والوعود بالمعاملة المميزة والطعام الشهى..وبالنسبة لستة ابناء يدرسون فى مختلف المراحل الدراسية ووالدهم موظف يعمل بدوام كامل كى يحافظ على اطار الستر الذى يحيط بالعائلة..كان الطعام يمثل اغراءا مؤكدا لطفلة..ووافقت اختى..ولا انسى نظرة الانتصار فى عين امى
... ... ... ...
اما انا..طفلة فى التاسعة وتبدو فى الخامسة..تجثم على صدر مجلة روزاليوسف كذبابة الفاكهة!!..وتقرأ الملف الذى تبنته وقتها عن ختان الاناث..اقرأ كل الاراء المؤيدة والمعارضة..وان كانت المجلة تنحاز للمعارضة_اسعد الله ايامك يا استاذ عادل حمودة_وكان ما كان
قرأت وقرأت وهتكت معظم الاسرار التى تحيط بهذا الفعل الغامض..وعلمت لماذا تصر عليه عوائلنا وكأنه مقدس وهو كذلك فعلا ولكن فى شريعة ذبح الاناث التى تقوم عليها مجتمعاتنا
رفضت وتمسكت برأيي..وقلت لامى عقلى سيحمينى وهى للحق لم تعارضنى او تضغط على باى شكل ..صمتت ونجوت وابتسمت فى وجهى روزا
.... ....
والان بعد كل هذه السنين..اد نفسى عاجزة عن حماية فتياتى الصغيرات..بنات اخوتى..وانا ارى اصرار امهاتهن على ختانهن وكأن العلم لا يصنع فرقا..لا استطيع ان اتخيل تلك العيون الباهرة التى تلمع بالجرأة والتحدى وقد كسرها الخوف والالم..كيف ادع البراءة تحت سلطة المشارط..ودون ان اتوقف عن الجدال والسؤال احاول حمايتهن..ولماذا نتحكم فى شهوة المرأة دون الرجل اذا كانت المرأة غير قادرة على اغتصاب رجل والعكس صحيح..لماذا نضع المسئولية فى اعناقهن..ولا اجد اى رد سوى حديث منسوب للرسول وكلامه على رأسى ولكن التاريخ ايضا لم يخبرنا ان بناته قد اختتن..الا نخجل ولم يبق فى العالمين سوانا..تخلص بعض الرجال من مصير الاغوات..وتخلصت نساء اوروبا من حزام العفة ونحن مازلنا نحمى الرجال من شرور النساء باقتطاع لحمهن واعصابهن
... .. ...
وحتى السؤال الاخير..وماذا عنى ..هل تشكوا فى اخلاقى؟..وتأتينى الاجابة مؤكدة على ثقتهم فى..فقد كنت استثناءا..وان كنت اعلم ان لديهم قناعة فريدة بأن عدم ختانى قد اثر فى عقلى وهو السبب فى هذا الكلام الفارغ الذى اردده
...
انا لا اكتب اليوم من اجل الحكى فقط ..انا ابحث عن حل..انا اراها معركتى رغم الهدوء الذى اواجه به من الجميع..فلن اتخلى عن فتياتى ..ولكن ما الحل؟