دستتين شمع ..لمريم العذراء

الجلوس فى مقهى ايليت..حلم قديم ظل ينادينى لسنوات..فالمكان له سحر خاص وجاذبية تأسرنى ..شئ ما فى هذا المقهى الخشبى الذى تلون من الخارج بالأبيض والأزرق ..راقدا فى شارع صفية زغلول المائل برقة تفضى الى البحر مباشرة..وكأنه قارب يوشك على الابحار..ولكنه يأبى الرحيل فى آخر لحظة ليكون مرفأ الباحثين عن الدفء والهدوء..وبعضا ممن ينشدون الثمالة
ولعل هذا كان سبب امتناع صديقاتى عن الذهاب اليه بحجة انه يقدم الخمور ..وبالرغم من انى حاولت اقناعهن بان المكان ليس بار بالمعنى المتعارف عليه_بالتأكيد البيرة مش اجبارى_ولكن رفضهن كان سيد الموقف
واليوم..انا فى ايليت..وحدى..أستعيد ذكرى ميلادى_بالمناسبة..اليوم اتم عامى الرابع والعشرون_ولدى احساس غامر بالكآبة والحزن ورغبة لا حدود لها فى البكاء والكتابة
اتمنى اليوم لو كانت قنوات الاتصال مفتوحة بينى وبين شيطان الشعر..ولكن للأسف حزنى بلا شعر ..وألمى بلا نغم..وقد قال قائل ان الشعر مثل الحب لاتحصل عليه بمجرد رغبتك فيه
...
هامش
أكد لها الطبيب انها حبلى..خرجت من عنده يجرها القهر وخيبة الأمل..أرتمت على مقعد خشبى ملقى فى أحد أروقة المستشفى الحكومى..كانت تبكى أمام حجرة طبيب النساء حين مالت على أذنها امرأة زئيمة لتسألها ان كان الطفل بلا نسب
تركتها وخرجت مسرعة وهى تستغفر الله وتلوم نفسها..وتلعن الظروف التى اضطرتها لبيع دبلة زواجها
هذا الرحم المسكين
...
عام صعب مر على..ولكن لا يهم..انا_فعلا_لست ممن يصابون بالاكتئاب فى ذكرى ميلادهم..ولم أصل بعد لكرب أدعو فيه بدعاء مريم عليها السلام ..يا ليتنى مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا
ليس بعد..مازلت احب وجودى وروح الله التى منحتنى الحياة وفى ذلك فضل لا انكره وشرف أدعيه
لا أحمل أى ضغينة لذلك الصباح الشتوى الذى خرجت فيه امى تحملنى من الباب المامى لدار اسماعيل وقد وقر فى قلبها ان اكون آخر الأبناء..وقد كان
أحاول ان أرى نفسى..يدى الصغيرة وعينى المغمضة وقلبى الجديد..احب هذه الطفلة حقا ..لو كانت ابنتى لمنحتها الكثير من الحب والحنان والانصات والفهم
أعجز عن تعويضها ولا اعرف كيف احميها وقد صارت فى الرابعة والعشرون وهذا يخيفنى كثيرا
لو صرت يوما أم..سأسمى أبنتى مريم
...
هامش
اتعرفون..الاقواس طيبة جدا..صادقون ويحبوا بأخلاص..يعشقون الاستقامة بالرغم من اعوجاج دنياهم..قوتهم قدر..وقد تشبعت بالضعف وامتلأت نفسى انكسارا..فى حين ظل دينى كعامود الخيمة..منتصب القامة وكل ما حوله هواء..منحنى الله قلبا مؤمن صوته هادر..اسمعه الآن يصرخ ..
يا الله ..لماذا انا هنا؟